عدد المساهمات : 1101 تاريخ التسجيل : 25/07/2011 الموقع : منتدى العشاق
موضوع: الله الذي رفع السماء بغير عمد ترونها السبت أغسطس 27, 2011 12:38 pm
الله الذي رفع السماء بغير عمد ترونها
منذ القدم والإنسان يرنو إلى السماء مستغربا من وجودها في الفضاء دون أن تسقط على الأرض أو أن تصطدم ببعضها البعض ، فالشمس تشرق وتعبر السماء ثم تغيب دون أن تسقط على الأرض ودون أن تكون هنالك أعمدة ترفعها في السماء ، وكذلك حال النجوم والكواكب السيارة والقمر وكل ما في السماء من أجرام.
كان الإنسان يرى انه لا يسبح شيء في الفضاء إلا وتكون له أعمدة ترفعه وتحول دون سقوطه إلى الأسفل ، فهو عندما يقذف حجرا إلى السماء فانه يصل لنقطة معينة ثم يعود ويسقط على الأرض ، لذلك فقد كان من المنطقي حسب تصوره للطبيعة انه لا يكون هنالك جسم في الفضاء إلا وتكون له دعائم وأعمدة تثبته في السماء ، لذلك فهو عندما يبني بيتا فانه يبني أعمدة لكي ترفع سقف المنزل.
وعندما تصور الفراعنة القدماء صورة الكون ، جسدوا السماء على شكل امرأة وقد انحنت وارتكزت فوق يديها وأصابع قدميها ، وأسفل منها ينام الإله"جب" وهو الأرض ومستلقيا على ظهره ، وبين السماء والأرض يقف الإله"شو" وهو الفضاء الواسع الذي يرفع السماء بذراعيه لكي لا تسقط على الأرض.
أما الفلاسفة الإغريق فلم يتمكنوا أيضا من تفسير وجود الأجرام السماوية معلقة في الفضاء دون وجود عمد تثبتها في السماء ، بل تصوروا أن القبة السماوية عبارة عن كرة ثابتة تحمل الشمس والقمر والنجوم ، وان القبة السماوية صلبة ومتماسكة ، لكنهم اصطدموا في تفسير حركة الأجرام السماوية في السماء خلال القبة الثابتة.
لم يتمكن احد من العلماء عبر التاريخ البشري أن يفسر سر وجود الأجرام السماوية تسبح في الفضاء سوى في القرن السابع عشر الميلادي على يد الفيزيائي البريطاني الشهير"إسحاق نيوتن" فحدث - كما روى بعض الصحفيين دون وجود دليل يؤكدها - انه عندما كان نيوتن مستلقيا تحت شجرة تفاح في مزرعة والده سنة م1665 وإذا بحبة تفاح تسقط من إحدى الشجيرات بجانبه ، فأشغلت فكره حول السبب الذي جعل حبة التفاح تسقط بسرعة على الأرض وبشكل عمودي وليس مائلا أو متعرجا دون أن ترتفع إلى السماء مثلا.
اخذ نيوتن يدرس كيفية دوران القمر حول الأرض والكواكب السيارة حول الشمس وكذلك الأجرام السماوية الأخرى في مدارات متناسقة فائقة الدقة ، وبعد دراسة جادة ومضنية أن هنالك قوة عظيمة موجودة بين هذه الأجرام السماوية تحفظ اتزانها وتماسكها في الفضاء ، دون أن يتمكن من وضع تفسير لطبيعة هذه القوة ومنشئها ، وأطلق على هذه القوة "الروح" Spirit وتسمى في الفيزياء الحديثة"الجاذبية" Gravity.
تمكن نيوتن من وضع قوانين للجاذبية بعد دراسة عميقة لهذه القوة التي اثبت العلم أنها موجودة وتم احتسابها دون أن نتمكن من رؤيتها أو تفسير طبيعتها سوى أنها قوة تمسك الأجرام السماوية ببعضها البعض وتحافظ من خلالها على وجودها في فلكها دون أن تخرج منه وبدقة متناهية لا تحتمل أي مجال للخطأ ، وفي هذا يقول تعالى: (والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ، والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ، لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ، ولا الليل سابق النهار ، وكل في فلك يسبحون) يس 37 - 40 .
وضع نيوتن قانون الجاذبية الشهير سنة م1665 والذي ينص على انه كل كتلة في الكون تجذب أي كتلة أخرى بقوة تتناسب طرديا مع حاصل ضرب الكتلتين وعكسيا مع مربع المسافة بين مركزيهما. وأصبح هذا القانون من أهم القوانين التي تمكننا من حساب حركة الأجرام السماوية والتي غدت بمثابة الأعمدة التي لا نراها،
إضافة لقوة الجاذبية اكتشف العلماء خلال العصر الحديث ثلاثة قوى أخرى غير الجاذبية تعمل على تماسك مادة الكون فيه هذه القوى هي:
1 - قوة الجاذبية Gravity:هي القوة التي اكتشفها اسحق نيوتن سنة 1665 م كما سبق وذكرت ، وهي القوة التي تربط الأجرام السماوية ببعضها البعض أي أنها الأعمدة التي تعتبر كحلقة ربط بين كل الأجرام السماوية في الفضاء سواء النجوم أو المجرات أو الكواكب السيارة أو الأقمار ... الخ ، وتمتد هذه القوى إلى مسافات شاسعة جدا تصل إلى حدود الكون كله ، فهي تربط القمر بالأرض الذي يبعد عنها 384 ألف كيلو متر ، كما تربط الأرض بالشمس التي تبعد عنها 150 مليون كيلو متر ، كما تربط الكواكب السيارة الأخرى التي تبعد مليارات الكيلو مترات ، كما أنها تربط أيضا بين النجوم التي تبعد مئات وآلاف وملايين السنين الضوئية عن بعضها.
وحسب ما توصل إليه نيوتن فان الجاذبية تزداد في الجسم بزيادة كتلته ، فكتلة الأرض أعلى بكثير من كتلة القمر لذلك فان جاذبية الأرض أقوى من جاذبية القمر ، وكتلة كوكب المشتري - عملاق الكواكب السيارة في المجموعة الشمسية - تصل إلى 318 ضعف كتلة الأرض لذلك فان جاذبيته تصل إلى 318 ضعف الجاذبية الأرضية. والجرم السماوي صاحب الكتلة الأصغر يدور حول الجرم ذو الكتلة الأكبر ، لذلك فالقمر الذي يدور حول الكوكب يجب أن تكون كتلته اقل من كتلة الكوكب الذي يدور حوله ، كما أن كتلة الكوكب اقل بكثير من كتلة النجم ، كما أن كتلة النجم اقل من كتلة المجرة التي يدور حولها ، كما أن قوة الجاذبية تزداد بحسب المسافة بين الجسمين ، فإذا زادت المسافة بين الجسمين فان قوة الجاذبية بينهما تقل ، بينما تزداد قوة الجاذبية بين الجسمين إذا قلت المسافة بينهما.
نلاحظ من خلال هذا الكلام المختصر عن قوة الجاذبية أنها قوة غير مرئية لكنها موجودة ، وتحكمها قوانين دقيقة للغاية بحيث تحافظ على اتزان الكون ووجوده بالشكل المعروف ، فلولا هذه القوة لاصطدمت الأجرام السماوية ببعضها البعض ولما حافظت على مكانها في أفلاكها ولو اندثرت هذه القوة - العمد التي لا نراها - لاندثر الكون منذ الأزل.
2 - القوة النووية الضعيفة Weak Atomic Force: وهي قوة موجودة داخل الذرات فقط أي أن مجالها محدود جدا ، وتعمل هذه القوة على تنظيم عملية تحلل الجسيمات الأولية مثل تحلل العناصر المشعة ، وتكون هذه القوة محمولة على جسيمات أولية سالبة الشحنة أو حتى عديمة الشحنة.
3 - القوة النووية الشديدة Strong Nuclear Force:وهي القوة التي تعمل على ربط جزيئات الذرة ببعضها البعض لتشكل جسم الذرة المعروف ، حيث تربط بين البروتونات والنيوترونات اللواتي تشكلان نواة الذرة ، كما أنها تعمل على التحام الأنوية الذرية أثناء حدوث التفاعلات النووية داخل النجم ، وهي من اشد أنواع القوى في الكون.
4 - القوة الكهرومغناطيسية Electromagnetic force:هي القوة التي تربط الذرات ببعضها البعض في المادة وعليه فهي التي تعطي للمادة الصفات الطبيعية ، ولولا هذه المادة لكانت هنالك ذرات فقط دون أن تتكون المواد المعروفة مثل الحديد والذهب والخشب ، كما أن هذه القوة تعمل على انطلاق الأشعة الكهرومغناطيسية التي تتكون من فوتونات.
ذكر الله تعالى قوة الجاذبية التي تحكم وتربط الأجرام السماوية ببعضها البعض في عدة آيات في القرآن الكريم ، حيث يقول تعالى:
(الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون)
الرعد - 2
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة: يخبر الله تعالى عن كمال قدرته وعظيم سلطانه انه الذي بإذنه وأمره رفع السماوات بغير عمد ، بل بإذنه وأمره وتسخيره رفعها عن الأرض بعدا لا تنال ولا يدرك مداها ، فالسماء الدنيا محيطة بجميع الأرض وما حولها من جميع نواحيها وجهاتها وأرجائها ، مرتفعة عليها من كل جانب على السواء ، وبعد ما بينها وبين الأرض من كل ناحية مسيرة خمسمائة عام ، وسمكها في نفسها مسيرة خمسمائة عام.... وقوله( بغير عمد ترونها) روي عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد أنهم قالوا: لها عمد ولكن لا ترى. وقال إياس بن معاوية: السماء على الأرض مثل القبة ، يعني بلا عمد ، وكذا روي عن قتادة ، وهذا هو اللائق بالسياق ، والظاهر من قوله تعالى: ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه) - الحج 65 ، فعلى هذا يكون قولهترونها) تأكيدا لنفي ذلك ، أي هي مرفوعة بغير عمد كما ترونها ، وهذا هو الأكمل في القدرة.
ويقول تعالى أيضا: (خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فانبتنا فيها من كل زوج كريم).
لقمان -
10 يقول الصابوني في تفسيره لهذه الآية الكريمة: ثم نبه تعالى إلى دلائل قدرته ، وآثار عظمته وجلاله لإقامة البراهين على وحدانيته فقال(خلق السماوات بغير عمد ترونه) أي خلق السماوات في سعتها وعظمتها وإحكامها بدون دعائم ترتكز عليها ، حال كونكم تشاهدونها كذلك واقفة من غير أن تستند على شيء ، ولا تمسكها إلا قدرة الله العلي القدير.
والآن ماذا تريد أيها الإنسان إعجازا ارفع واصدق وأعظم من هذا الإعجاز ، فقد خالف القران كل تصورات القدماء في تصوير السماء وتوافق تماما مع العلم الحديث وما تبينه الفيزياء وعلم الفلك الحديث ، نعم هذه المعلومات العلمية الدقيقة ذكرها القران الكريم قبل أكثر من ألف عام من اكتشافها وإثباتها ، ووصفها بأدق التفاصيل وهي أنها عمد لا نراها وإنما هي مخلوقة من الله عز وجل ، وحتى العلم الحديث لم يرى قوة الجاذبية بل تحسسنا بها ، ومن قبل إنسان أمي لا يقرا ولا يكتب ولم يتخرج من جامعة ولم يعاشر العلماء ، لكنه اتصل بخالق الكون عن طريق الوحي وأعطاه من الأسرار الكونية العظيمة ليؤكد لنا أن القرآن من الله تعالى.